Saturday, June 16, 2007

فول الصويا .. نافع أم ضار؟


القليل منه في الوجبات الغذائية خيار صحي جيد.. والإكثار منه قد يكون مضرا

كمبردج (ولاية ماساشوستس الاميركية): «الشرق الأوسط»*
بروتينات فول الصويا والـ«آيزوفلافونات» isoflavones (الموجودة فيه) لم تصمد جيدا في التجارب السريرية، ولكن لا يزال هناك مكان للصويا في وجباتنا الغذائية. ولدى حساب الاطعمة الصحية هذه الايام لا يظهر الصويا بينها تماما. وتبدو المزاعم التي تقول بروتين الصويا يقينا من الامراض القلبية، مبالغ بها. كما اظهرت غالبية الدراسات ان تأثيره على الكوليسترل السيء المنخفض الكثافة LDL هو قليل جدا بحيث تبلغ نسبة التخفيض اقل من خمسة في المائة. اما تناول كميات كبيرة منه، نحو 50 في المائة يوميا، اي نحو نصف كمية البروتين التي يتناولها الاميركي العادي، فلها التأثيرات المتواضعة ذاتها التي للكميات الصغيرة. كذلك حاول الباحثون العثور على فوائد ثانية تقلل من المخاطر الاخرى على القلب والشرايين مثل زيادة نسبة الكوليسترول الجيد العالي الكثافة HDL وتخفيض الشحوم الثلاثية وضغط الدم، لكنهم فشلوا ايضا.

* الاستروجين الضعيف ولكن بخلاف البروتين فقد اعتقد الكثيرون انه قد يكون لفول الصويا فوائد صحية خاصة نظرا لاحتوائه على الـ«ايزوفلافون» وهي مواد كيميائية تتصرف مثل الشكل الضعيف من (هرمون) الإستروجين في جسم الانسان. والنوعان الرئيسيان المختلفان من الـ«ايزوفلافون» في الصويا هما الـ«جينيستين» genistein والـ«ديادزين» daidzein. وفي بعض الانسجة يعتقد ان الـ«ايزوفلافونات» هي ذات فائدة كبيرة نظرا الى انها تخرج الإستروجين «من الطريق» ثم تحتل موقع المستقبلات التي يغمرها عادة هذا الهرمون. والمثال الرئيسي هو نسيج الثدي حيث الـ«ايزوفلافونات» تحول دون قيام الإستروجين بالتعلق بالمستقبلات وتشجيع نمو بعض الاشكال من السرطانات. وهذا المر مهد الطريق الى (ظهور) النظرية المتعلقة بالوقاية من سرطان الثدي، حيث رصدت علاقة بين استهلاك الصويا العالي في العديد من الأقطار الآسيوية والمعدلات المنخفضة من سرطانات الثدي.

وفي ما يتعلق بالانسجة الاخرى لاسيما العظم، فقد اعتبرت خصائص الـ«ايزوفلافونات» الشبيهة بالإستروجين، على انها تملك فوائد صحية نظرا الى انها تعزز تأثيرات الأخير وليس اعاقته، فهو، اي الإستروجين يميل الى بناء العظام مما يعني ان هناك بعض الامل في ان التهام الكثير من الصويا من شأنه المساعدة في ابعاد ترقرق العظام لاسيما بالنسبة الى النساء المسنات المتقدمات في العمر.

* نتائج سلبية كل هذه الامور كانت منطقية حتى اظهرت الابحاث ان مثل هذه الاخبار الطيبة لا اساس لها من الصحة، عندما تبين من الدراسات ان الـ«ايزوفلافونات» قد تحرض على نمو الانسجة في الثدي في النساء قبل توقف العادة الشهرية عندهن. وأثارت مثل الاكتشافات الكثير من اللغط على الانترنت، اكثره مبالغ به في ما يتعلق بالصويا وعلاقته بالتسبب في سرطان الثدي. ومع ذلك هناك من الدلائل بالنسبة الى جمعية السرطان الاميركية ما يكفي لتحذير الناجيات من سرطان الثدي من عدم استهلاك الصويا المركزة مثل دقيق الصويا والمكملات الغذائية من الـ«ايزوفلافونات».

في هذا الوقت توصلت العديد من الدراسات التي اجريت على الحيوانات والخاصة بالأوبئة الى استنتاج هو انه لو كانت الصويا تقي من سرطان الثدي، فان ذلك يكون محدودا بالنساء اللواتي يلتهمن كميات كبيرة منه في طفولتهن وفي طور المراهقة. اما التحول الى وجبات غذائية غنية منه في وقت متأخر من العمر فقد يكون متأخرا جدا.

أما الآمال المعلقة على «ايزوفلافونات» الصويا كبديل واسلوب طبيعي للحلول محل الاستروجين بعد انقطاع العادة الشهرية (الحيض) فهي غامضة غير واضحة المعالم، لان بروتينات الصويا والـ«ايزوفلافونس» في صورة حبوب واقراص كانت فعالة بشكل متواضع في علاج الهبات الساخنة، كما ان نتائج الدراسات الخاصة بترقرق العظام كانت متفاوتة.

وكما الحال في انتشار صيت الصويا واستباقه للنتائج العلمية، فانه قد يكون من الخطأ الشطب تماما له بسبب الاخبار السلبية عنه، ففي مارس (آذار) الماضي من العام الحالي قام فريق من الباحثين الايرانيين ومن جامعة هارفرد بالاعلان عن نتائج ايجابية في ما يتعلق بالصويا، وذلك في دراسة مصممة لمعرفة تأثيراته على متلازمة التمثيل الغذائي التي كانت عبارة عن مجموعة من عوامل خطيرة (بدانة في الوسط عند المعدة، انخفاض الكولسترول الجيد العالي الكثافة، وارتفاع في المقابل بالكولسترول السيء المنخفض الكثافة، وهكذا) التي تسبق عادة النوبات القلبية وامراض الشرايين الاخرى.

* نتائج إيجابية وقامت الدراسة بمقارنة وجبة غذائية متحكم بها شملت اللحم الاحمر مع وجبتين غذائيتين اخريين، واحدة حل فيها بروتين الصويا محل اللحم الاحمر، والاخرى حلت محل حبوب الصويا. واشتركت في التجربة 42 امرأة تجاوزن سن الحيض يشكين من متلازمة التمثيل الغذائي وخضعن للوجبات الغذائية التي ذكرناها لمدة ثمانية اسابيع.

وترك بروتين الصويا الكثير من التأثيرات الجيدة، لكن تأثيرات حبوب الصويا كانت اكثر فعالية في تخفيض سكر الدم ومستويات الكولسترول السيء المنخفض الكثافة. وذكر الباحثون ان حبوب الصويا ترك الأثر الاكبر بسبب احتوائه على الدهونات غير المشبعة التي يحتويها والـ«ايزوفلافونات». كما ان وجبة حبوب الصويا كانت تحتوي على كميات اكبر من الـ«ايزوفلافونات» مقارنة بوجبة بروتين الصويا (102 مليغرام يوميا مقارنة بـ 84 مليغراما).

وفي ابريل الماضي وجدت دراسة اخرى ان الوجبات الغذائية التي اساسها حليب الصويا هي افضل قليلا من غيرها، فقد اظهرت ان وجبة اختبارية تعتمد على حليب الصويا، ولبن الصويا الرائب، والـ«توفو» بدلا من البروتين، هي افضل قليلا في تخفيض الكولسترول السيء من الوجبة التي اعتمدت على دقيق الصويا. ومع ذلك فان التأثير لم يكن كبيرا ابدا، فقط تخفيض في الكولسترول السيء قدره 4 في المائة مقارنة بالوجبة المكونة من البروتين الحيواني.

واذا قمت ببحث على الانترنت لوجدت العديد من الاعلانات التي تحذر في اغلبيتها من الصويا وتأثيراته على الغدة الدرقية والدماغ وغيره. ولكن الذي لا تجده هو الاثبات، او الدليل الحاسم على مثل هذه المزاعم.

وقد تكون قد احبطت درجة او درجتين بعد تقديراتنا الخاصة بالصويا، لكن وضع القليل منه في وجبتك الغذائية قد يكون خيارا جيدا لاسيما اذا كان ذلك يعني استبدال اللحم الاحمر، وما يعنيه من احلال الدهونات غير المشبعة والالياف وبعض الفيتامينات الصحية والاملاح محل الدهونات المشبعة والكولسترول. لكن كما مع جميع الامور الاخرى، فان زيادة الامور والإمعان بها قد تضر اكثر مما تنفع.

No comments: