Thursday, June 21, 2012

الإجازة الزوجية، وصفة 'سحرية' لتجديد الحب والرومانسية



 
خبراء الاسرة ينصحون الازواج بالانفصال المؤقت لاستئصال المشاكل والخلافات المعكرة لصفو حياتهم واستعادة الدفء العاطفي والسكينة.
 
ميدل ايست أونلاين
القاهرة - من سوسن ماهر



وخاصة في السنوات الأولي من الزواج، وهي إن دلت علي شيء، وغالبا ما يستسلم الزوجان لروتين الحياة اليومية، بسبب لأعباء المادية أو المعنوية، ومع بدء تسرب الملل الى الحياة الزوجية تبدأ المشاكل في الظهور وتتفاقم، و للخروج من هذه الازمة العاطفية يبحث الزوجان عن طريقة تعيد إليها السعادة المفتقدة.

واهتدى الغرب الى حل ناجع لهذه المشكلة؛ اطلقوا عليه اسم الإجازة الزوجية، ويرتكز هذا الحل على ابتعاد الزوجين عن بعضهما لوقت معين لاسترجاع عواطفهم التائهة في زحمة الحياة، وكذلك لمراجعة النفس ومحاسبتها، وقد حققت تلك الطريقة نجاحا كبيرا في استعادة السعادة الزوجية.. فهل تصلح تلك الطريقة في مجتمعنا الشرقي؟ وإلى أي مدى يقبلها الأزواج والزوجات؟

يقول ح، (محاسب) "حياتي الزوجية لم يتعد عمرها الخمس سنوات؛ ومع ذلك أصابها الفتور والروتين فما حدث بالأمس يحدث اليوم وكل يوم دون تجديد حتى زوجتي وأطفالي وبيتي كلها أشياء اعتدت أن أراها بنفس الشكل؛ وفي نطاق عملي ايضا أصابني الملل ولا أجد سبيلاً لكسر هذه القيود التي أصبحت تكبلني، ولكني عندما فكرت وجدت أن السبب الرئيسي هو أنني لم اخذ إجازة من حياتي الزوجية ولو لمرة واحدة خلال الخمس سنوات الماضية فزوجتي أمامي باستمرار وأصبح التعود والروتين هو الرابط الذي نبني عليه علاقتنا والأسوأ من ذلك أنه لا سيبل للتجديد فزوجتي انشغلت بالأطفال عني وأنا انشغلت بمسئوليات العمل عنها وأصبحت حياتنا هي مجرد تعود وروتين فلا أنا أفكر كيف أجدد ولا هي مهتمة بأي تغيير سواء كان في شكلها أو في ملبسها أو حتى في أسلوب الحياه الذي اعتدنا عليه ومن وجهه نظري أن الإجازة الزوجية التي تحدث باتفاق الطرفين على فترات متباعدة هي أفضل حل لكسر الجمود والملل وإعادة إنعاش روابط الحب بين الطرفين.

ويري مجدي رفعت "موظف" أن الملل هو طبيعة الكون وطبيعية البشر بصفة عامة وليس الأزواج فقط فمن منا لا يمل الروتين اليومي الذي يعيش فيه ومن منا لا يتمنى لحظة تغيير مسار حياته وهناك بعض المهن التي تتطلب الجلوس علي المكاتب وبين الأوراق لفترات طويلة وهذه المهن وحدها كفيلة بأن تصيب أي فرد بحالة من الكآبة يصعب الخروج منها فما بالنا إذا كان الروتين يتسرب إلي حياتنا الزوجية. لاشك أنه شيء يصعب تداركه فالعمل يمكن أن يأخذ منه الفرد فترة إجازة يجدد فيها نشاطه وحيويته ولكن هل يستطيع الفرد أن يأخذ إجازه من مسؤولياته المنزلية ولو ليوم واحد، أعتقد أنه أمر يصعب حدوثه وتصعب الموافقه عليه.

ولكن علي محمد (مهندس) يري أنه لابد لكلا الطرفين أن يبتعد عن الآخر فترات متباعدة، لأن هذه الإجازة الزوجية لها العديد من الفوائد أهمها هو تجديد الشعور بالاشتياق واللهفة للطرف الآخر كما انها تعطي فرصة كبيرة لتخليص كل منهما من أعباء ومسئوليات كثيرة يسأم الفرد من تحملها، فمن حق الزوج الاستمتاع بإجازة زوجية يقضيها كيفما شاء بعيداً عن الأسرة سواء كان بمفرده أو كان مع أصدقائه، وفي أي مكان يفضله فهذه الإجازة تعيد إليه لحظات من النشاط والحيوية التي كان يعيشها قبل زواجه وتجدد إحساسه وشعوره بالشباب الدائم كما أنها تشعره بقيمة زوجته وكيف أنها هي المؤنس الوحيد له في حياته رغم وجود الأصدقاء والأهل والجيران من حوله.

وكذلك الزوجة من حقها أن تأخذ إجازة من الحياة الزوجية ترتاح فيها من أعبائها المنزلية والأعباء التي يلقي بها زوجها على عاتقها أما مسؤولية الأطفال فأعتقد أنها المسئولية الوحيدة التي لا يمكن التخلي عنها ولو ليوم واحد، هذه الإجازة ستفيد الزوجة في تجديد نشاطها وكسر حالة الملل التي تحياها نتيجة الروتين اليومي الذي تحيا فيه كما أنها ستساعدها على تجديد مشاعرها نحو زوجها.

أما الزوجات فكان لهن رأي آخر توضحه نائلة فؤاد (ربة منزل) بقولها إن كلمة إجازة زوجية ماهي إلا كلمة مغلفة بإطار يجذب المستمع لها لتبهره لكن الحقيقة أنها فترة يهرب فيها الزوج من مسؤولياته تجاه أسرته وزوجته ويستغلها بشكل خاطئ يرضي غروره ويثبت لنفسه أنه مازال شباباً وقادراً علي كل ما كان يقوم به قبل زواجه حتى أن بعض الأزواج يستغلون هذه الفترة لإقامة علاقات قصيرة مع بعض السيدات والفتيات محاولين بذلك أن يعيدوا أياماً انتهت بزواجهم وبإنجابهم لأطفال جعلوهم بالمسؤولية، تاركين خلفهم زوجة تتحمل في هذه الإجازة مسؤوليات جديدة تضاف إلى مسئولياتها لأنها تصبح في هذه الفترة أماً وأباً في وقت واحد فأين تلك الإجازة التي تأخذها الزوجة؟ هل تستطيع أن تترك زوجها وأبناءها وبيتها وتذهب في إجازة ولو ليوم واحد مع إحدى صديقاتها تتنزهان وتتسامران كيفما تشاءان؟ بالطبع لا..! حتى إن أخذها زوجها لنزهة أو مصيف لا تستطيع من خلالها التخلي عن أي جانب من جوانب مسؤولياتها فأين تلك الإجازة الزائفة التي تتحدث عنها ؟ أليس من حق الزوجة أن ترتاح من هذه الأعباء اليومية مثل الرجل؟ إن كان هناك سبيل لإجازة عادلة فلا بأس بذلك بل يا ليتنا نجد سبيلاً لساعات نسرقها من الزمن نستمتع فيها بحياتنا الخاصة.

وتوافقها الرأي نورا سعيد (موظفة) بقولها "إن النساء لا يستطعن أن يأخذن إجازة من حياتهن الزوجية ولو لساعات قليلة حتى وإن كانت امرأة عاملة فهي في وقت عملها يكون بالها مشغولاً ببيتها وأبنائها وبتنظيم هذه الحياة التي تعتبر هي المسؤولة الأولى والأخيرة عنها وإذا أرهقت أو سئمت من حياة العمل تستطيع أن تأخذ إجازة لكنها ستقضيها في بينها ومع أبنائها محاولة إعادة تنظيم حياتها المنزلية التي لا يستطيع أن يقوم بها أحد غيرها ولا حتى الزوج نفسه فأين تلك الإجازة الزوجية التي نتحدث عنها؟ نحن نتمناها لكننا لا نستطيع القيام بها في ظل أعباء الحياة التي تزداد يوماً بعد يوم".

أما نجوي فكري (مدرسة) فتقول "أنا وزوجي بالفعل نأخذ هذه الإجازة في وقت معين من كل سنة فأنا اسمح لزوجي أن يصطحب أحد أصدقائه المقربين في إجازة سنوية لمدة يومين أو ثلاثة يذهبون فيها لأحد المدن الساحلية يعيشون فيها أيام العزوبية كما يقولون فيرتاح زوجي من أعبائنا الأسرية وأعباء العمل وفي نفس الوقت أتيح لنفسي الفرصة لأشتاق إليه فلا نرى بعضنا ونكتفي ببعض المكالمات التليفونية التي نتبادل خلالها كلمات الحب والشوق ونحس من خلالها أننا مازلنا نعيش أيام خطوبتنا ونسترجع أياماً لن ننساها أبداً. كذلك يسمح لي زوجي بالسفر لأيام قليلة مع أهلي لزيارة أقاربي أو للمصيف في فترة أخرى من السنة لنفس الغرض".

وعن أهمية الإجازة الزوجية في نجاح الحياة الأسرية تقول حنان السبع استاذة علم الاجتماع الجامعة الامريكية بالقاهرة إن فكرة الإجازة الزوجية هامة وضرورية لتكوين أسرة سليمة ومجتمع يبتعد عن الملل والرتابة والمجتمعات الغربية هي أولى المجتمعات التي تقوم بذلك فالزوج والزوجة في هذه المجتمعات يتفهمون جيداً فكرة استقلال الشخصية ومدى احتياج كل منهما إلي فترة راحة واسترخاء وتجديد النشاط العام؛ ولأن الشباب في معظم هذه المجتمعات ينفصلون عن أسرهم في سن مبكر فهذا الأمر يتيح للزوجين التخلي عن مسؤولية الأبناء مبكراً وبالتالي الالتفات إلى حياتهم الشخصية ومحاولة الاستمتاع بكل لحظة فيها أما في مجتمعاتنا الشرقية فإننا نجد الأهل متحملين لمسؤولية الأبناء حتى بعد زواجهم وانفصالهم عند الأسرة مما يتسبب في ضغوط اجتماعية كبيرة على الزوجين لذلك فيجب على الزوجين ترتيب حياتهم بشكل يسمح لكل منهما بقضاء فترة استرخاء بعيدة عن الطرف الآخر حتى نستطيع تدعيم المشاعر والأحاسيس التي قد يتناساها الطرفان في ظل الأعباء والمسؤوليات الكثيرة التي يتحملها الطرفان.

أما د. سامية قدري أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس فتؤكد أنه رغم صعوبة القيام بما يسمى بالإجازة الزوجية في مجتمنا إلا أنها أمر ضروري وفعال فيجب أن ينتبه الفرد إلى أن أي نظام اجتماعي متكامل يعتمد على فترة راحة، مثلا في أي عمل أو وظيفة نجد هناك فترة إجازة يستعيد فيها الفرد نشاطه وينشط ذهنه حتى يستطيع العودة لأداء عمله على الوجه الأمثل كذلك الحياة الزوجية التي تعتبر من أهم الأنظمة التي يقوم عليها المجتمع لابد لها من تنظيم يتيح للزوجين فتره استرخاء واستعادة نشاط وتجديد للمشاعر حتى يتمكن كلاهما من القيام بواجباته الزوجية على أكمل وجه وبكل رضى.

وتضيف د. تهاني عثمان منيب أستاذة الصحة النفسية والتربية بجامعة عين شمس أن الإنسان بطبيعته سريع الملل وأن الروتين يسبب له بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو الانطواء ؛ والحل الوحيد لتجنب هذه الأمراض هو التجديد في كل شيء ؛ في طريقة العمل وفي الدراسة وفي المنزل وحتي في الحياه الزوجية ؛ فالمرأة المتجدده دائماً في شكلها وطباعها هي أكثر سعادة من المرأة الروتينية ..كذلك زوجها يكون أقل مللاً من ذلك المتزوج من امرأة لا تسعي للتجديد كذلك الزوج الذي يرفض الروتين ويحاربه يكون أسعد من الزوج الذي يستسلم إلي الروتين اليومي وإلي مسئوليات الحياة وأعبائها فالفرد المتجدد يسعد بحياته ويسعد من حوله لذلك علي الأزواج محاولة تجديد حياتهم ولو بتجديد يوم في الأسبوع يذهبون فيه إلي أحد المتنزهات فيجددون نشاطهم ويبعثون البهجة في نفوسهم ونفوس أبنائهم.

Friday, June 08, 2012

«رعاية تخفيف الآلام».. وسيلة علاجية متميزة



فوائد مدهشة من علاج غير شائع في ميدان الطب الموجه للشفاء

كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
ناشد أبقراط، أبو الطب، الأطباء قائلا: «حاولوا جلب الشفاء في بعض الأحيان، والعلاج في كثير من الأحيان، لكن احرصوا على توفير الراحة دائما». ومع الأدوات المحدودة المتاحة لأطباء اليونان القدماء، لا عجب إذن من أن ينجح العلاج الطبي في توفير الراحة غالبا، أكثر من نجاحها في الشفاء.

تغيرت بعض الأمور خلال الـ2400 عام التي تلت الحقبة اليونانية، ففي الوقت الذي تمكن الطب فيه من تطوير طرق جديدة وفاعلة لتشخيص وعلاج الأمراض خلال القرن الماضي، أصبح الشفاء أهم أهداف العلاج. ويعد هذا التقدم نجاحا باهرا، وسوف يتقدم اعتمادا على مدى سرعة خطى التقدم في مجال الطب الجزيئي الحديث في هذا العصر.


الشفاء والراحة
* الشفاء أم الراحة؟ بينما ينصب اهتمام الأطباء والمرضى على الشفاء (cure)، تخاطر كلتا هاتين المجموعتين بفقدان الراحة (comfort)، حتى إنهما تزعمان في بعض الأحيان أن الشفاء والراحة أمران متناقضان، وتكون النتيجة في بعض الحالات عبارة عن معاناة غير ضرورية، قد تكون ناجمة عن بعض العلاجات المكثفة ذات احتمالات النجاح الضئيلة.
ولكن الأمر لا ينبغي أن يكون على مثل هذا النحو، إذ تشير دارسة حديثة أجراها مستشفى تعليمي تابع لجامعة هارفارد إلى أن الرعاية المخففة للآلام قد ينتج عنها فوائد كثيرة بالإضافة إلى الشعور بالراحة.

رعاية تخفيف الآلام
* ما الرعاية المخففة للآلام (palliative care)؟ اشتقت كلمة «palliate» (مخففة للآلام) من كلمة لاتينية تعني عباءة أو غطاء سرير، وقد يكون هذا هو السبب في اعتقاد الكثير من الناس، سواء من المتخصصين في مجال الرعاية الصحية أو مرضاهم، أن هدف هذا النوع من الرعاية هو ببساطة وضع قناع أو غطاء على الأعراض في حالة عدم توافر العلاج أو الدواء..

ويعد تخفيف الشعور بعدم الراحة أو المعاناة أمرا مختلفا كثيرا - وأكثر أهمية - من مجرد إخفاء المعاناة، حيث من الممكن أن تسير الرعاية المخففة للآلام جنبا إلى جنب مع الرعاية التي تقوم على تقديم العلاجات التي تؤدي إلى إطالة العمر.
وفي الوقت الذي تركز فيه الرعاية العلاجية على المرض ينصب تركيز الرعاية المخففة للآلام على المريض، وتسعى تلك الرعاية الحديثة جاهدة إلى تخفيف المعاناة الجسدية والعاطفية وتعزيز جودة حياة المرضى وعائلاتهم، وهو الأمر الذي يتطلب جهدا جماعيا.

وقد اعترف «المجلس الأميركي للتخصصات الطبية» بالرعاية المخففة للآلام كتخصص قائم بذاته عام 2006. وبالإضافة إلى وجود أطباء الرعاية المخففة للآلام، يتضمن فريق تلك الرعاية ممرضات وإخصائيين اجتماعيين، مع ضرورة وجود بعض الدعم الإضافي من قبل خبراء التغذية واختصاصيي العلاج الطبيعي والأطباء النفسيين والصيادلة ورجال الدين.

ويعتبر تخفيف الآلام هدفا مهما من أهداف ذلك النوع من الرعاية. ويتم تجهيز فريق الرعاية أيضا للمساعدة في حل عدد كبير من المشكلات، مثل أعراض اضطرابات الجهاز التنفسي كالسعال وضيق التنفس، وأعراض الاضطرابات المعوية مثل فقدان الشهية والفواق والتقيؤ والإمساك والإسهال وضعف واختلال الحركة والأمراض الجلدية والتغيرات العقلية مثل الاكتئاب والقلق والارتباك والهذيان. ويمكن أيضا لفرق الرعاية المخففة للآلام مساعدة المرضى وعائلاتهم في اتخاذ قرار ما حول الاختبارات والعلاجات الأكثر ملاءمة والأهداف الواقعية والقابلة للتحقيق.

ومن الناحية النظرية، يمكن لأي شخص مصاب بمرض خطير الاستفادة من بعض جوانب الرعاية المخففة للآلام، حيث تتوافر خدمات تلك الرعاية في أكثر من 80 في المائة من المستشفيات الكبرى، حيث تتلقى غالبية الأميركيين العلاج من الأمراض المعقدة والأخرى التي وصلت إلى مراحل متقدمة. وعادة ما يتم الاستعانة بفرق الرعاية المخففة للآلام، حتى في مراكز الإحالة تلك، في مراحل متأخرة من الأمراض التي لا شفاء منها، وغالبا ما يتعلق الأمر برعاية المرضى غير القابلين للشفاء.
وتعتبر الرعاية المخففة للآلام أمرا مناسبا وهاما في مثل تلك الظروف، لكن دارسة هارفارد الحديثة تؤكد أن الرعاية المخففة للآلام تعتبر مفيدة أيضا في المراحل المبكرة من الأمراض، حتى إذا كان المرضى يتعافون بشكل جيد في المنازل.

نتائج حديثة
* أجريت الدراسة الجديدة في مستشفى ماساتشوستس العامة، وهو مستشفى تعليمي تابع لجامعة هارفارد يهتم بعلاج الكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض معقدة، وركزت على مرض سرطان الرئة، وهو السبب الرئيسي للوفاة بالسرطان في الولايات المتحدة الأميركية.

وأجريت تلك التجربة خلال الفترة بين عامي 2006 و2009، حيث شملت 151 مريضا بسرطان الرئة غير صغير الخلايا «non–small cell lung cancer»، وهو أكثر أشكال هذا المرض شيوعا. وكان قد تم تشخيص إصابة هؤلاء المرضى بانتشار سرطان الرئة غير صغير الخلايا في وقت حديث، حيث كان السرطان ينتشر من الرئة ويمتد إلى بعض الأعضاء الأخرى، ولم يتم نصح أي منهم بإجراء جراحة علاجية في الرئة. وعلى الرغم من إصابتهم بأمراض متقدمة، قام هؤلاء المرضى، الذين كانوا جمعيا من المترددين على العيادات الخارجية، بالتطوع في هذه الدراسة في غضون ثمانية أسابيع من تشخيص إصابتهم بانتشار سرطان الرئة غير صغير الخلايا.

تم توزيع نصف المرضى بصورة عشوائية لتلقي خدمات الرعاية المخففة للآلام، بالإضافة إلى علاج السرطان المتعارف عليه، بينما تلقى النصف الآخر علاج السرطان المتعارف عليه فقط. قدم أفراد وحدة الرعاية المخففة للآلام خدمات تلك الرعاية في إطار بروتوكول محدد، بينما قدم أطباء أورام متخصصون في سرطان الرئة علاج السرطان المتعارف عليه. واعتمدت عملية تقديم العلاج على الاحتياجات السريرية الخاصة بكل مريض.

استعان الباحثون باستبيانات مفصلة لتقييم الحالة المزاجية للمرضى وجودة حياتهم في ما يتعلق بالوضع الصحي فور انضمامهم إلى الدراسة، وكذلك بعد مرور 12 أسبوعا. وأشارت الاختبارات المبدئية إلى وجود تشابه بين المجموعتين، ولكن بعد مرور 12 أسبوعا بات من الواضح أن جودة حياة المرضى الذين تلقوا الرعاية المخففة للآلام مبكرا كانت أفضل وكانوا أقل اكتئابا من المرضى الذين تلقوا علاج السرطان التقليدي المتعارف عليه.

ليس من المستغرب أن تقوم الرعاية المخففة للآلام بمساعدة المرضى على تحسين شعورهم وأدائهم، وليس من المستغرب أيضا أن تكشف الدراسة عن أن أفراد المجموعة التي تلقت الرعاية المخففة للآلام كانوا أكثر قدرة على إدراك رغبتهم في تلقي الرعاية التي تقدم للحالات الميؤوس من شفائها، وغير راغبين في تلقي علاج مكثف قرب نهاية حياتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، تضمنت تلك الدراسة ملاحظتين جديدتين هامتين: الأولى هي أن تلقي الرعاية المخففة للآلام المبكرة مفيد، حيث لم يشعر ثلث عدد المرضى تقريبا بأي أعراض متعلقة بالسرطان عندما تلقوا الرعاية المخففة للآلام للمرة الأولى، وكان 94 في المائة منهم قادرين على الحركة.

الجدير بالذكر أن الأطباء في التجارب العملية العادية كانوا يقدمون الرعاية المخففة للآلام لعدد محدود من هؤلاء الأفراد الذين يتمتعون بحالة جيدة.

أما الملاحظة الثانية فكانت أكثر إثارة للدهشة، فرغم تلقي مرضى الرعاية المخففة للآلام علاجا أقل تكثيفا، خصوصا في الحالات الميؤوس من شفائها مقارنة بالمرضى الذين تلقوا علاج السرطان المتعارف عليه، عاش هؤلاء المرضى فترة أطول من المجموعة الأخرى بنحو 2.7 شهر في المتوسط.

الراحة والرعاية
* تذكرنا دراسة هارفارد بإمكانية أن يسير علاج السرطان المكثف القاسي، الذي يتضمن العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي أو كليهما، جنبا إلى جنب مع الرعاية المخففة للآلام. وتوضح الدراسة أيضا أن الرعاية المخففة للآلام يمكن أن تساعد المرضى المصابين بأمراض خطيرة، حتى لو بدأ هذا العلاج قبل ظهور أعراض المرض، وتؤكد أيضا أن الرعاية المخففة للآلام من الممكن أن تؤدي إلى إطالة عمر المريض، حتى وإن كانت النتيجة تقديم علاج أقل فاعلية وتكثيفا، خصوصا في الحالات الميؤوس منها.

ويتطلب إثبات أثر الرعاية المخففة للآلام على إطالة العمر إجراء المزيد من الدراسات. ورغم أن هذا الاكتشاف يبدو مذهلا فإنه يعد معقولا ومنطقيا أيضا، حيث تزيد الرغبة في الحياة لدى المرضى الذين يشعرون بتحسن حالتهم، حيث يقل لديهم الشعور بالتوتر والاكتئاب ويكونون أكثر إقبالا على تناول الطعام وأكثر نشاطا ويقضون المزيد من الوقت مع أصدقائهم وعائلاتهم. ويعد هذا الدعم الاجتماعي وارتفاع روحهم المعنوية والتغذية المتوازنة وممارسة التمارين بشكل عقلاني بمثابة طرق علاج جيدة.
ولذا فلا ينبغي النظر إلى الرعاية والعلاج على أنهما متعارضان، فقد تساعد الرعاية المخففة للآلام المرضى الذين يواجهون الموت عن طريق تخفيف معاناتهم وتعزيز شعورهم بالكرامة والسكينة والمساهمة في تحديد الخيارات المناسبة والواقعية، وقد يؤدي تلقي الرعاية المخففة للآلام مبكرا إلى تحسن جودة حياة المرضى الذين يتلقون علاجا شاملا، بل ومن الممكن أن تؤدي إلى إطالة أعمارهم في تلك الظروف.

أيهما أهم، الراحة أم العلاج؟ يرى أغلب الناس أن عليهم الاختيار بين الأمرين، لكن هذا يعد افتراضا خاطئا، فالإجابة ليست واحدا من اثنين، بل التوجه إلى كليهما معا.