Sunday, October 29, 2006

ذكرى السويس: إسرائيل صورة لـ'الكيان المعتدي



عملية الفارس.. فشل أوروبي ذريع

ذكرى السويس: إسرائيل صورة لـ'الكيان المعتدي'


المصالح الأوروبية الاسرائيلية التي قادت الى العدوان الثلاثي على نظام عبد الناصر انتهت بانتصار دبلوماسي لمصر.

ميدل ايست اونلاين
القدس – من باتريك انيدجار

منذ خمسين عاما، شنت اسرائيل مع حليفتيها فرنسا وبريطانيا عملية عسكرية تهدف الى الاطاحة بزعيم عربي هو الرئيس المصري جمال عبد الناصر في حملة انتهت بفشل دبلوماسي ذريع للقوتين الاستعماريتين السابقتين وتعزيز للقوة الاسرائيلية الضاربة.

فقد اجبرت الجهود المتضافرة للاتحاد السوفياتي الذي كان مشغولا بغزو المجر، والولايات المتحدة التي كانت في اوج حملة رئاسية، لندن وباريس على التراجع خائبتين بعد هزيمة دبلوماسية منكرة.

واجبر امر لرئيس الوزراء الاسرائيلي ديفيد بن غوريون من الرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور الذي كان واثقا من الفوز في الانتخابات بدون اصوات اليهود الاميركيين، الدولة العبرية على اعادة الارض التي احتلها جيشها خلال الحملة.

هذا العدوان الثلاثي جاء بعد اربعة ايام من اعلان بن غوريون الذي اصابته النشوة بالاحتلال السريع لصحراء سيناء المصرية في حملة قادها الجنرال موشي دايان، مجىء "مملكة اسرائيل الثالثة" بعد 19 قرنا من تدمير الهيكل الاول.

وقبل اقل من ربع قرن من توقيع اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر، ساهمت هذه الحرب الثانية لاسرائيل في الشرق الاوسط، في ان تلصق بها صورة "الكيان المعتدي" و"رأس حربة" القوى الغربية والعدو اللدود لحركة التحرر العربية.

حدث ذلك في مرحلة كانت لاوروبا، عبر لندن وباريس، خلالها مصالح مرتبطة بشكل وثيق مع مصالح اسرائيل وتستند الى الرغبة في اسقاط النظام المصري.

فقد هدد عبد الناصر بشكل مباشر المصالح الاقتصادية والتجارية الفرنسية والبريطانية في قناة السويس الممر الذي لا غنى عنه للسفن التجارية.

من جهة اخرى، كانت الاراضي الاسرائيلية هدفا لهجمات الفدائيين المصريين الذين يعملون انطلاقا من قطاع غزة الذي كانت تسيطر عليه مصر.

وفي 1956، تصاعدت حدة التوتر بين مصر واسرائيل واغلق عبد الناصر خليج العقبة، على البحر الاحمر ومنع سفن الشحن الاسرائيلية من عبور قناة السويس.

في الوقت نفسه، امر عبد الناصر باحتلال مكاتب شركة قناة السويس من قبل موظفين مصريين واعلن تأميم القناة، وكانت هذه بالنسبة للفرنسيين والبريطانيين القشة التي قصمت ظهر البعير.

وفي اليوم التالي لهذه الخطوة، دعا رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي غي موليه الى "ميونيخ" جديدة، في اشارة الى قصف ميونيخ خلال الحرب العالمية الثانية بينما وصف نظيره البريطاني انطوني ايدن جمال عبد الناصر "بموسوليني النيل".

ووقعت فرنسا وبريطانيا سرا اتفاقا ينص على تحرك اسرائيلي ضد مصر يليه تدخل عسكري فرنسي بريطاني ضد بور سعيد في عملية اطلق عليها اسم "عملية الفارس".

وتقول المؤرخة جورجيت الجي ان لجنة وزارية فرنسية سرية للغاية قررت حينذاك من مفوضية الطاقة الذرية تلبية طلبات اسرائيل في القطاع النووي، الا ان اسرائيل نفت باستمرار ذلك.

وفي 29 تشرين الاول/اكتوبر، ارسلت اسرائيل دباباتها وطائراتها لمهاجمة سيناء ووصلت خلال 48 ساعة الى قناة السويس، وفي 31 تشرين الاول/اكتوبر قصفت لندن وباريس مصر.

وتحت ضغط الامم المتحدة التي طالبت بوقف اطلاق للنار، ثم الولايات المتحدة فالاتحاد السوفياتي حيث هدد الماريشال بولغانين باريس ولندن برد انتقامي نووي، انسحبت اسرائيل من سيناء واوقفت فرنسا وبريطانيا العملية.

وقالت الجي ان "حرب السويس" تبقى في التاريخ "حملة عبثية" ما زالت نتائجها تؤثر على التوازن في المنطقة.

وحصل عبد الناصر الذي هزم عسكريا لكنه انتصر على الجبهة الدبلوماسية، على بعد دولي واصبح يجسد آمال امة عربية تعيش حالة غليان.

واصبحت موسكو وواشنطن اللتان اخرجتا القوتين العظميين الاستعماريتين تمسكان بخيوط اللعبة في الشرق الاوسط الذي كان ميدان المعركة في "الحرب البادرة".

اما اسرائيل، فقد اصبحت تستطيع التحرك بحرية بين البحر الاحمر والبحر المتوسط وتمتلك قدرة نووية وحصلت من الولايات المتحدة في الرابع من حزيران/يونيو 1957 على "ضمان لوجودها".


طباعة شاملةطباعة مبسطة

No comments: