Saturday, October 28, 2006

الطعام.. من فوائض إلى فوائد


الطعام.. من فوائض إلى فوائد

يعتبر الإسراف في الطعام من أهم المشاكل التي تواجه مجتمعنا العربي خاصة في شهر رمضان، حيث تُعرف مجتمعاتنا العربية بحبهم للطعام والابتكار فيه وإعداد الأصناف المختلفة والمركبة، وتعتبر دول الخليج من أكثر الدول التي تعاني من فوائض الطعام الهائلة؛ نظرًا لارتفاع مستوى المعيشة فيها عن باقي الدول العربية.

كما يعتبر الطعام من أهم مظاهر الكرم عند العرب وتقوم الأسرة العربية بالتفنن في عمل أصناف كثيرة على المائدة لإظهار الاهتمام بالضيف، وبالتالي تصبح النتيجة فوائض كثيرة من الأطعمة وللأسف يؤول مصيرها في معظم الأوقات إلى صناديق القمامة.

وترجع الدكتورة رشا علواني -مدرسة مساعدة بكلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان بالقاهرة- السبب الرئيسي لمشكلة الفوائض إلى سوء التخطيط الذي نعاني منه، حيث تعبر هذه الفوائض عن جهل الكثير من ربات الأسر في تقدير الكمية المناسبة لعدد الضيوف أو أفراد الأسرة أنفسهم، كما تقوم الكثير منهن بالوقوع في خطأ شراء كميات فوق احتياجاتها من الخضار وتضطر إلى طهيه طازجًا حتى لا يفسد أو يذبل.

وفي محاولة لتفادي الخسائر الناجمة عن فوائض الطعام نسعى خلال السطور التالية لتقديم بعض النصائح للتعامل مع تلك الفوائض بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة منها.

فوائض أم بواقي

في البداية يجب توضيح الفرق بين الاثنين، حيث يحدث في بعض الأحيان خلط واضح بينهما. فالفائض هو الطعام المتبقي في آنية الطهي بعد غرف الأطباق وكذلك ما يتبقى في أطباق التقديم الكبيرة من لحوم حمراء أو بيضاء، أما البواقي فهي ما يتبقى في الأطباق بعد الانتهاء من الطعام، وهي بالتالي تعتبر فضلات طعام يتم التخلص منها بإلقائها في صناديق القمامة، وتمثل هذه البواقي نسبة كبيرة من فاقد الطعام، خاصة في الفنادق أثناء البوفيهات المفتوحة في رمضان، حيث يقوم الأشخاص بملء الأطباق بكميات كبيرة من الأطعمة المختلفة ظانين أنهم قادرين على أكلها كلها، وبالتالي تتبقى كميات كبيرة في الأطباق.

ولكي نتفادى هذه البواقي ينصح بالإلمام بآداب الطعام التي تقتضي عدم ملء المعدة بالطعام وترك ثلث للشراب وثلث للنفس؛ ولذلك ينصح الشيف إبراهيم عطا -الشيف التنفيذي المصري في فندق سميراميس- بتناول السلطة والشوربة بعد الإفطار، ثم الذهاب لصلاة المغرب وبعد العودة تناول الطبق الرئيسي، ولكن بكمية قليلة حتى لا يتعرض الشخص للخمول وعسر الهضم، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي مساحة أكبر للروحانيات في رمضان.

أما بالنسبة لبواقي الطعام في بيوتنا فيمكن تفادي هدرها عن طريق وضع الأرز أو المكرونة أو غيرها في أطباق سرفيس كبيرة، ووضع أطباق فارغة على المائدة وكل شخص يأخذ قدر حاجته، وإذا احتاج إلى كمية إضافية يأخذها؛ وذلك لتفادي بواقي الأرز والمكرونة وتحويلها إلى فائض وليس بواقي.

التعامل مع الفوائض

أما مشكلة الفوائض فإن التعامل معها له برنامج خاص حتى نتمكن من الحفاظ عليها واستغلالها على نحو أفضل دون الاضطرار إلى إلقائها كمخلفات، خاصة أن فوائض الطعام تمثل مشكلة للكثير من الأفراد الذين يفضلون أكل الطعام الطازج.

- تبدأ عملية التعامل مع الفوائض بعملية التخزين، ويتم ذلك بعد تركها تبرد خارج الثلاجة ثم يتم تجميعها، كل نوع لحوم منفصل في أكياس بلاستيكية ووضع الخضار في علب بلاستيك ووضعها في "الفريزر"، مع مراعاة وضعها بطريقة جيدة ومرتبة حتى لا يتغير شكلها.

- يجب مراعاة أن تخزين الطعام لفترات طويلة لا يمكن أن يتناسب مع كل المأكولات، خاصة الأسماك بسبب حساسيتها الزائدة وفقدها لقيمتها الغذائية وتغير طعمها إذا تم تخزينها طويلاً.

- يمكن تجميع كميات كبيرة من الأطعمة وحفظها، ثم توزيعها على الفقراء ويعتبر هذا السلوك ليس فقط فرديًّا، بل يمكن للأقارب الاشتراك في تخزين الفوائض في فريزر أحدهم إذا لم يوجد متسع لدى الجميع، وعندما يتجمع الطعام بكمية وفيرة يوزعونه على المحتاجين بعد وضعه في أطباق فيبر وتغطيته بورق ألمونيوم أو أكياس بلاستيكية.

- تأتي في المرحلة الثانية كيفية تحضير هذه الفوائض للتناول مرة أخرى، ويتم ذلك عن طريق تسخينها على نار هادئة تصل إلى 75 درجة مئوية، أما بالنسبة للحوم فينصح الشيف إبراهيم عطا بوضع القليل من المياه وقطعة من السمن عند تسخينها على نار هادئة، مع مراعاة تسخين الكمية المطلوبة فقط مرة واحدة حتى لا تفقد قيمتها الغذائية.

- والتعامل مع الفوائض في رأي الدكتورة رشا يحتاج إلى قدر من الابتكار فليس بالضرورة تسخين الأطعمة غير الطازجة، خاصة أن بعض الأفراد لا تتقبله على أي حال؛ ولذلك يمكن تحويل هذه الفوائض إلى أصناف أخرى تعتبر طازجة في ذاتها، وهناك بعض الاقتراحات لذلك مثل:

  • استخدام الأسماك لعمل كفتة السمك، وكذلك بواقي اللحوم والأرز في عمل كفتة الأرز.
  • عمل فائض الأرز مع الخضار المشكل وتغطيته براق من كريمة الباشاميل.
  • الاستفادة من فوائض المكرونة المسلوقة في عمل المكرونة "النجرسكو" بالفراخ.
  • أما بالنسبة لفوائض الخضار فيمكن تحميرها بالبقسماط وتعتبر صنفًا لذيذًا يحبه الأطفال.

وبالتالي تدخل الفوائض في صناعة أصناف للأيام التالية، ويتم استغلالها على أفضل نحو ممكن بدلاً من إلقائها في صندوق القمامة.

No comments: