Friday, December 01, 2006

دمية الأيدز تستهدف الصغار وتقلق الكبار




كامي تحيي مناسبة الأول من ديسمبر


'كامي' الصغيرة تثير جدلا بين مؤيدي رسالتها الاعلامية ومنتقديها ممن يعتبرونها تجربة غريبة على الإعلام.

ميدل ايست اونلاين
عمّان وواشنطن – من إيثار العظم

بفرائها البرتقالي اللون وعينيها الواسعتين، وأنفها الوردي الكبير، ُتطل "كامي" من الشاشة الصغيرة على جمهورها من الأطفال، لتُقدَم كدمية "حاملة لفيروس الآيدز"، تعطي النصائح حول كيفية التعامل مع المصابين بهذا المرض، كما توضح للأطفال ضرورة عدم نبذهم هؤلاء الأفراد.

هذه ليست قصة خيالية ذات طابع مأساوي، ولكنها تجربة إعلامية قدمت قبل أربعة أعوام في جنوب إفريقيا، وهدفت إلى تعريف الأطفال بمرض الآيدز، بحسب ما أشار القائمون على تنفيذها، خصوصاً وأن ثلثي مرضى هذا الفيروس في العالم يعيشون في إفريقيا.

وكانت كامي قد قدمت مؤخراً مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون رسالة تلفزيونية مصورة حول مرض الآيدز، حيث شاركها تقديم معلومات حول هذا المرض ضمن نشاطات حملة "معاً من أجل الأطفال.. معاً ضد الآيدز" لهذا العام، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للآيدز الذي يصادف في الأول من كانون أول/ديسمبر من كل عام.

وعلى الرغم من أن كامي تبدو واثقة بنفسها، وهي الدمية "اليتيمة" ذات الخمسة أعوام والتي انضمت إلى أسرة برنامج شارع سمسم الذي يعرض في جنوب إفريقيا، إلا أنها تثير قلق العديدين من المراقبين في الأوساط الأميركية، حيث تشير إليها "رابطة الأسرة الأمريكية" (أيه أف أيه) كأداة يمكن استغلالها من قبل الناشطين من الشواذ، كما بينت الرابطة أنها تعد "وسيلة أخرى لتطبيع المجتمع تجاه الشواذ"، وقد حذرت من إدخال تلك التجربة "الغريبة" إلى المؤسسات الإعلامية الأميركية.

و أوضح مختصون من أيه أف أيه أن بعض المؤسسات الداعمة للشذوذ قد أعربت عن ارتياحها لإدخال هذه الشخصية ضمن برنامج تلفزيوني للأطفال، فهم يعتقدون أن انتشار الآيدز بين البالغين والمراهقين يشير إلى ضرورة توعية الأطفال منذ الصغر بهذا المرض.

وقد أعرب مدير البحوث في رابطة الأسرة الأميركية، وهو محرر الدورية الصادرة عنها، عن قلقه إزاء هذا الأمر، وقال "من الواضح أن الناشطين من الشواذ سيستخدمون هذا البرنامج ليقدموا أسلوب حياتهم إلى الأطفال (...) إنهم يستهدفون الأطفال برسالة مفادها (لا ضير من الشذوذ)"، وبحسب ما أشار فإن "ترسيخ رمز الضحية في هذا المجال، والذي يرتبط هنا بمرض الأيدز من خلال شخصية توجه للأطفال، سيعين مجتمع الشواذ على ترسيخ فكرة تقبلهم في أدمغة الصغار والذين يمثلون مجتمع الغد، ليصبح تقبل الشذوذ في المستقبل أمراً طبيعياً".

وطبقاً لرأيه، فإن ما يشيعه القائمون على هذا المشروع، من أنه يهدف إلى توضيح بعض الحقائق للأطفال، وأنه لن يتناول موضوعات جنسية، ليس "إلا سحابة دخان للتمويه، ولكنها ستنجلي لاحقاً ليظهر ما تحتها".

وكانت كامي قد انضمت إلى أسرة برنامج "تاكالاني سيسامي" (أي كن سعيداً سمسم)، وهو النسخة الخاصة بجنوب إفريقيا من برنامج "شارع سمسم" الأميركي الأصل، وذلك بعد أن تم تقديمها وبالتعاون مع اليونيسيف في العام 2002 من خلال المؤتمر الدولي الرابع عشر للآيدز الذي انعقد في برشلونة، حيث أوضح القائمون على المشروع في ذلك الوقت أن هدف ابتداع تلك الشخصية الطفولية "الحاملة لفيروس الآيدز"، هو توضيح بعض الحقائق للأطفال حول هذا المرض وبشكل مبسط، والذي يعتقد أنه يتسبب في تغيير حياة الكثيرين منهم في إفريقيا سواء كانوا من الحاملين للفيروس المسبب له، أم من أيتام الآيدز، والذين يجدون أنفسهم وقد حرموا من آبائهم دون أن يستطيعوا إيجاد تفسير لذلك.

وحرص القائمون على هذا البرنامج كما أوضحوا، على أن لا تؤثر ظروف كامي الصعبة في طبيعة شخصيتها، فعلى الرغم من أنها يتيمة وتم تبنيها من قبل إحدى الشخصيات في البرنامج، كما أنها حاملة لفيروس الأيدز والذي انتقل إليها، بحسب ما يوضح البرنامج من خلال عملية نقل دم ملوث خضعت لها وهي رضيعة، إلا أنها صاحبة شخصية ذات طابع إيجابي فهي مرحة ومتفائلة وواثقة بنفسها، ولا يحزنها سوى رفض الأطفال الآخرين من شخصيات البرنامج اللعب معها كونها تحمل فيروس الأيدز، فهي تحاول أن تشرح لهم باعتبار أنها دمية واسعة الثقافة، بحسب ما يظهرها البرنامج أنها لن تتسبب لهم بالعدوى إن شاركتهم اللعب.

وبالرغم من التشاؤم والتحذيرات التي أطلقها العديد من رجال الكنيسة والحقوقيين والسياسيين في الولايات المتحدة الأميركية حول تلك الدمية البرتقالية اللون، إلا أنه كان هناك من يعتقد بأنها ستلعب دوراً فاعلاً ما دامت الموضوعات الجنسية بعيدةً عن المحتوى الذي تقدمه، فبعض المحافظين في الولايات المتحدة، والذين قاموا في السابق بمهاجمة شخصية "تينكي وينكي" في مسلسل الأطفال الشهير "تيليتابيز" الذي انتجته شركة إتسي بيتسي للترفيه، ممن تبنوا الرأي الذي أشار إلى أن تينكي هو رمز للشواذ، بإشارته المثلثة فوق رأسه وهي إشارة الشواذ بحسب ما هو شائع في بعض المجتمعات الغربية، وبلونه الأرجواني الذي يرمز لهم وبحقيبته النسائية التي يحملها معه، بدوا هذه المرة متفائلين بكامي، حيث يعتبرونها أداة فاعلة ستساعد على توعية الصغار بهذا المرض ما دامت المواضيع لا ُتطرح بأبعادها الجنسية أمامهم.

ويستبعد بعض المراقبين في الولايات المتحدة تعميم تجربة "كامي" على البرامج الأخرى المشابهة والمرتبطة ببرنامج"شارع سمسم"، إلا أن هذا لم يمنعها من أن تصبح نجمة عالمية فها هي الأمم المتحدة تختارها في العام 2003 "كبطلة" عالمية للأطفال، بالإضافة إلى ذلك فقد أطلت هذا العام إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون، ليضاف ذلك إلى رصيد شهرتها بعد أن ظهر إلى جانبها الرئيس نيلسون مانديلا وزعيم الأساقفة الجنوب إفريقي ديزموند توتو في برنامجها الشهير" تاكالاني سيسامي"، والذي يقدم بإحدى عشرة لغة إفريقية، ويشاهده أسبوعياً نصف مليون طفل من القارة السوداء. كما سبق وحظيت شبكة "إن بي سي" الأميركية بلقاء الدمية "كامي" (وتعني بلغة بعض القبائل الإفريقية التقبل أو الترحيب).

ويتوقع القائمون على هذا المشروع أن يتم خلال سنوات مقبلة تصدير هذا النموذج إلى الدول الأخرى التي تبنت برامج سمسم بنسخ معدلة تتناسب مع مجتمعاتها ومنها ألمانيا وهولندا وبنغلادش والصين والمكسيك والأردن ومصر، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الموطن الأصلي "لشارع سمسم". إلا أن مراقبين أميركيين يؤكدون أن هذا الأمر لا بد وأن يتم، فيما يتعلق بالولايات المتحدة بموافقة من الكونجرس على الرغم من أن تلك الموافقة لن تحول دون هجوم العديد من المحافظين في المجتمع الأميركي على هذا النوع من القرارات.

وعلى الرغم من الجدل الذي تثيره هذه الدمية إلا أنها تستحق الدراسة من قبل المختصين السيكولوجيين والاجتماعيين في ذات المجتمع الذي سيقدمها لصغاره، فهي ستحل ضيفة على الكثير من الأسر لتبث أطفالهم ما لديها، حيث يرى بعض المختصين أهمية عدم تعريض الصغار لحقائق حول الحياة في وقت أبكر مما يجب حتى لا يؤثر ذلك في تطورهم.

كما لا بد من تقييم محتوى الموضوعات التي ستبوح بها تلك "المثقفة الصغيرة" لهؤلاء الأطفال ليكون متناسباً مع معتقداتهم الدينية وذلك قبل أن تصبح "نجمتهم" المحبوبة. (قدس برس)


طباعة شاملةطباعة مبسطة


No comments: