Sunday, April 19, 2009

علماء الدين: شم النسيم يوم عادي كسائر الأيام

محيط ـ إيمان الخشاب 

في هذا التوقيت من كل عام تتكرر الأسئلة عن حكم الاحتفال بشم النسيم، ومدي شرعيته وهل يجوز الأحتفال به أم لا

الشيخ عطية صقر
 وحول هذا الموضوع نقوم بعرض أراء العلماء والمشايخ حول هذا الأمر. فعندما سئل الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا عن حكم الاحتفال بشم النسيم قال :


كان شم النسيم عيدا فرعونيا يتعلق بالزارعة ثم جاءته مسحة دينية، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد القيامة، وعلى المسلمين أن يتمسكوا بالطاعة، وألا يقلدوا غيرهم في احتفال، ولقد شرع لنا الله عز وجل أعيادنا، وشرع لنا كيفية الاحتفال بها، فلا حاجة لنا في تقليد غيرنا في أعياده التي يختلط فيها الحق والباطل والحرام بالحلال.

ومما لاشك فيه أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } [سورة المائدة: 87] وقال: { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } [سورة الأعراف: 32]. ، لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره، وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟

وأضاف صقر: إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حين يسير ويميل حيث يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقبلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث "إمعة" يقول: إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن يجب أن يوطن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسئ إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مبال من هذا النوع فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" رواه البخاري ومسلم.

فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًا من أيام الله حكمه كحكم سائرها، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت.


ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم اسوأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.

إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس" رواه الترمذي ورواه بمعناه ابن حبان في صحيحه.

ويقول الشيخ فرحات المنجى من علماء الازهر : إن العيد اسم لكل ما يعود ويتكرر ، والأعياد توجد لدى كل الأمم سواء 

الشيخ فرحات سعيد المنجي
أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك ، وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات يحتفلون فيها ويتجمعون ويفرحون .

وقد دل قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " على اختصاص المسلمين بهذين العيدين لا غير وأنه لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بالكفار والمشركين في شيء مما يختص بأعيادهم ، لا من طعام ولا من لباس ، ولا إيقاد نيران ولا عبادة .

المسلمون ليس لهم إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى لما جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ . " وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها 
واستشعار معانيها .والله المستعان .

ويؤكد الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر أن عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من أقباط ومسلمين وغيرهم.

وقد نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر،حيث خرجوا مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم مصادفة ،واحتفلوا بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والتى تعنى بالعبرية الخروج أو العبور، واعتبروا هذا اليوم رأساً لسنتهم الدينية العبرية تيمناً بنجاتهم وبدء حياتهم الجديدة.

وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، ثم انتقل عيد الفصح من اليهود إلى النصارى وجعلوه موافقاً لما يزعمونه قيامة المسيح، ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد الفراعنة ويأتى دائماً في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة.

وعلى علماء الدين أن يحذروا المسلمين من مغبة الاحتفال بعيد شم النسيم، أو مشاركة المحتفلين به وحث الناس على إنكاره ورفضه حتى لا يكون الدين غريباً بين المسلمين.

فكثير من المسلمين في مصر يحتفلون بهذا العيد ولا يعرفون حقيقته وأصله، وحكم الاحتفال به، وبعضهم يعرف حقيقته، ولكنهم يقللون من خطورة الاحتفال به ظناً منهم أنه أصبح عادة وليس عبادة، وحجتهم أنهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده الفراعنة أو اليهود والنصارى، وهذا فهم خاطئ فإن التشبه في شعائر الدين يؤدي إلى الكفر سواء اعتقد المتشبه بالكفار في هذه الشعيرة ما يعتقدون فيها أم لم يعتقد؟

 

No comments: