Friday, December 12, 2008

النقرس.. يتنازل عن عرش الملوك



حمض اليوريك يترسب بين المفاصل

يعد النقرس (Gout) أحد أشهر أنواع الأمراض الروماتيزمية التي تسبب التهاب المفاصل، ويشتهر باسم داء الملوك؛ نظرًا لأنه يظهر بقوة مع كثرة أكل اللحوم وعدم الحركة، إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ؛ فهو لا يقتصر على الطبقات المرفهة فقط، ولكنه يصيب أيضا الطبقات المتوسطة والفقيرة؛ فالفول والبقوليات بشكل عام تتسبب في ظهور أعراض هذا المرض.

ويعرف النقرس بفرط حمض اليوريك في الدم Hyperuricaemia ويحدث نتيجة ترسب (أملاح اليوريات) Uric Acid في أنسجة المفاصل وما يحيط بها من غضاريف وعظام وعضلات. وهذا الترسيب يتسبب في حدوث التفاعل الذي نسميه التهابا.

يصيب مرض النقرس 5% من سكان العالم، ونسب الإصابة به في ازدياد، خاصة في الدول النامية، وينتشر بين الرجال أكثر من النساء، ولكن لدى المسنين تقل كثيرًا تلك الفجوة بين الرجال والنساء من حيث نسبة الإصابة.

التمثيل الغذائي لحمض اليوريك

ولكي نفهم كيف يترسب حمض اليوريك في أنسجة المفاصل لا بد أن نتعرف على مصادر هذا الحمض وتمثيله الغذائي في الجسم:

تنقسم مصادر حمض (اليوريك) إلى مصادر خارجية تأتي من خلال ناتج التمثيل الغذائي لبعض الأغذية التي تحتوي على مادة (البيورين)، مثل: البروتينات الحيوانية، والبقوليات وبعض الخضراوات وغيرها، ومصادر داخلية تنشأ نتيجة التمثيل الغذائي لمادة البيورينات الموجودة في أنوية الخلايا بشكل طبيعي؛ فالتمثيل الغذائي (للبيورينات) داخل الجسم يعطي حوالي 300 - 600 مجم تفرز في البول يوميا.

وتقوم بكتيريا الأمعاء بالتخلص من حوالي ثلث كمية حمض اليوريك الذي يتكون يوميا لدى الأشخاص الطبيعيين وذلك بتحويلها إلى ثاني أكسيد الكربون والنشادر، والكلى هي الأخرى مسئولة عن طرد أو حجز حمض اليوريك بالجسم؛ لذا فإن هذا المرض له علاقة مباشرة بوظيفة الكلى.

كذلك تقوم كريات الدم البيضاء بتكسير كمية صغيرة من هذا الحمض، كما تفرز كمية قليلة منه عن طريق العرق.

الحد الأقصى لحمض اليوريك في الدم هو 7 مجم بالنسبة للرجال، و5 مجم بالنسبة للنساء، وارتفاعه عن هذه النسبة يعني الإصابة بمرض النقرس.

الأسباب

يتضح جليا من الشرح السابق الأسباب المتوقعة لمرض النقرس، وتتمثل في:

- حالات القصور الكلوي؛ وفيها يقل إخراج حمض اليوريك في البول عن معدله الطبيعي.

- وجود خلل ما في وظيفة الأمعاء.

- قيام الجسم بإفراز كمية زائدة من حامض اليوريك، أو التخلص من كمية قليلة منه، وهناك عوامل كثيرة تتسبب في ذلك منها:

- الكحوليات خاصة البيرة.

- السمنة المفرطة.

- ارتفاع ضغط الدم غير المعالج.

- العقاقير المستخدمة لعلاج ضغط الدم والتي تعمل على خفض نسبة الأملاح والماء في الجسم.

- قلة النشاط والحركة مثل البقاء لفترات طويلة في الفراش.

- التعرض للجراحات.

- بعض الأمراض المزمنة مثل مرض السكري.

- ارتفاع نسبة الكوليستيرول في الدم أو ضيق الشرايين.

- تلعب الجينات الوراثية دورًا أيضًا في الإصابة بهذا المرض؛ حيث أثبتت الإحصائيات أن فردًا واحدًا لكل أربعة أشخاص مصابين بالنقرس يوجد تاريخ عائلي لمرض النقرس في أسرته.

وفي هذه الحالات، يتركز حامض اليوريك في جسم الإنسان في شكل بلورات تترسب في أنسجة المفاصل وتتسبب في وجود التهابات ينتج عنها تضخم.

الأعراض

قد لا تظهر أعراض الإصابة بمرض النقرس رغم ارتفاع نسبته في الدم والسبب في ذلك غامض. كما أن فرص الإصابة به ترتفع كلما زادت فترة بقاء حامض اليوريك مرتفعا بالدم.

وتظهر أعراضه في صورة نوبات من الألم الشديد بالمفاصل، ويبدأ غالبا بإصابة مفصل واحد، مع تورم واحمرار أحيانا، ويزيد الألم في الصباح غالبا ويكون على فترات متقطعة، والترسيب يختار مناطق معينة مثل أصابع القدم واليد وأحيانًا الركبة والكاحل، لكنه في 50% من الحالات يظهر في الإصبع الكبير للقدم، ويسمى الألم الناتج منه أحيانًا (مسمار القدم) لأنه يؤلم الكعبين عند الوقوف.

ويستمر الألم عادة لمدة 5 إلى 10 أيام ثم يتوقف، ويمكن أن يستمر لمدة أسابيع أو شهور ثم يعاود الظهور فجأة وبصفة دورية وفي عدد أكبر من المفاصل، ونسبة قليلة من مرضى النقرس يصابون بحصوات في الكلى.

التشخيص

يمكن تشخيص مرض النقرس من خلال الأشعة

عادة لا يتم تشخيص المرض إلا بظهور أعراضه، وعند استشارة الطبيب يطلب بعض التحاليل لفحص مستوى حمض اليوريك في الدم فتظهر نسبته مرتفعه عن المعدل الطبيعي، وكذلك ينصح بعمل تحليل للبول.

وفي بعض الحالات يمكن أخذ عينة من السائل الموجود في المفصل المصاب وفحص وجود حامض اليوريك به، ويكون ذلك بالفحص المجهري حيث يظهر بالسائل بلورات حمض اليوريك.

وقد يقوم الطبيب بالتقاط أشعة x-ray على المفصل المصاب.

العلاج

هدف العلاج هنا هو خفض نسبة حامض اليوريك من خلال بعض العقاقير التي يصفها الطبيب المعالج فور تشخيص المرض، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي خاص يراعي الإقلال من الأغذية المحتوية على مادة البيورين.

ومعظم العقاقير المستخدمة يتم تناولها بعد انتهاء الإصابة؛ حيث إن تناول العقاقير في أثناء وجود الألم يزيد الحالة سوءا، وهذه العقاقير تشمل:

- عقاقير مضادة للالتهابات Nonsteroidal & Steroidal.

- عقار يحتوي على مادة الكولشيسين.

أما عن النظام الغذائي الخاص، فينصح بالإقلال من تناول الأطعمة الآتية وفقا لترتيبها (حيث تشير أعلى القائمة إلى الأطعمة الأكثر احتواء على مادة البيورين):

1- الكبد والكلى والمخ.

2- اللحوم الحمراء.

3- اللحوم البيضاء مثل: السمك والدجاج.

4- العدس والبقول.

5- البروتينات النباتية مثل: الباذنجان والقرنبيط والبازلاء والسبانخ والخرشوف.

وحتى يضمن مرضى النقرس لأنفسهم الحصول على ما تحتاجه أجسادهم من بروتينات يمكنهم الاستعاضة بشرب اللبن وتناول الجبن لاحتوائهما على نسب ضئيلة جدا من مادة البيورين.

نصائح عامة

وينصح لمرضى النقرس بالآتي:

- استخدام صدمات الماء البارد والدافئ على المفصل المصاب حيث تفيد في تخفيف الألم.

- تجنب الأدوية التي تسبب ارتفاع نسبة حمض اليوريك في الدم.

- شرب كميات وفيرة من الماء لتخفيف تركيز حمض اليوريك في البول، ومن ثم التقليل من خطر تكون حصوات بالكلى.

- الامتناع عن المشروبات الكحولية والتي تقلل من قدرة الجسم على إخراج حمض اليوريك.

- المحافظة على الوزن المثالي وتخفيض الوزن الزائد.

- الحركة وعدم الكسل.

- عمل فحص دوري كل 6 أشهر وذلك بعمل تحليل لنسبة حمض اليوريك في الدم.

- إذا واجهك ألم شديد ومفاجئ في المفاصل يجب استشارة الطبيب حتى إذا لم يستمر هذا الألم سوى يوم أو يومين،؛ لأن عدم علاجه يترتب عليه سوء الحالة وزيادة الألم.

No comments: