القاهرة: د. هاني رمزي عوض
ويوجد معظم الإصابات في أفريقيا، ويمكن أن يفسر هذا بوجود ارتباط بين الجين المسبب للمرض وإمكانية عدم الإصابة أو التعافي من مرض الملاريا، ونظرا لأن المرض وراثي فإنه ينتقل من الآباء إلى الأبناء، ولكن المرض يوجد بالطبع في مختلف بلدان العالم.
* أسباب المرض
* تتمثل المشكلة الأساسية في مرض الأنيميا المنجلية، في تجمع كريات الدم الحمراء نتيجة لأن تغير شكل كرية الدم إلى الشكل الهلالي يجعلها قابلة للالتصاق بعضها ببعض مما يعوق سريان الدم، خصوصا في الأوعية الدموية الضيقة، ويحدث نتيجة لذلك الكثير من الأعراض حسب العضو الذي يتعرض سريان الدم إليه للانسداد، وذلك يؤدي إلى الشعور بآلام حادة، وأيضا حدوث تكسير وتدهور حاد في الحالة المرضية تسمى بالأزمة (crisis).
وتحدث هذه الأزمة نتيجة للكثير من الأسباب، ومن أهمها:
* تجمع الدم وحدوث تجلطات ويمكن أن تحدث في الأطراف (عرض القدم واليدين «hand and foot syndrome»)، أو في الكليتين وتؤدي إلى آلام في الكليتين مع تغير في لون البول إلى اللون الأحمر، أو في المخ وتؤدي إلى حدوث شلل نصفي، أو في القلب وتؤدي إلى حدوث ذبحة صدرية أو جلطة بالقلب، أو في البطن وتؤدي إلى حدوث آلام حادة في البطن وتجلطات بالأمعاء.
* في حالة تعرض الجسم لعدوى معينة تحدث أزمة تسمى أزمة التكسير (hemolytic crisis) نتيجة لزيادة التكسير، مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة وآلام بالبطن ووجود دم في البول.
* يمكن أن تؤدي حالة نقص حمض الفوليك المصاحبة للأنيميا إلى حدوث أزمة (megaloblastic crisis).
* الأعراض
* ويحدث الكثير من الأعراض العامة المشتركة لكل أنواع الأنيميا المزمنة مثل:
- الشحوب نتيجة للفقدان المستمر للدم، وهذا الشحوب في لون الوجه يحدث في الأغلب بشكل متدرج ويصاحبه هزال وسرعة تعب، كما يشكو الطفل باستمرار من إحساسه بضربات القلب فضلا عن سرعة ضربات القلب.
- وجود اصفرار في العينين نتيجة لزيادة تكوين الصفراء الناتجة من زيادة تكسير كريات الدم.
- تغير لون البراز ويصير داكنا أكثر.
- لا يتغير لون البول إلا في حالة التكسير الحاد لكريات الدم التي يصبح فيها لون البول أقرب للون الأحمر.
- تضخم الكبد والطحال لا يحدث في حالة الأنيميا المنجلية بالشكل الملحوظ، وقد يحدث انكماش في حجم الطحال نتيجة لتعرضه لتجلطات كثيرة جراء تجمع كريات الدم الحمراء التي تؤثر على حجمه ووظيفته.
- في الأغلب يوجد التهاب في المرارة ويمكن وجود حصوات.
- يمكن حدوث نوع من أنواع القرح على الجلد، خصوصا في منطقة الكاحل، ولكن يحدث ذلك في الأغلب عند بلوغ الطفل سن المراهقة.
- تؤثر أنيميا الخلايا المنجلية على نمو الطفل بالسلب، وكذلك نمو الأعضاء الجنسية، وفي الأغلب يكون وزنه أقل من أقرانه.
* التشخيص
* هناك بعض التحاليل التي يتم إجراؤها لتشخيص الحالة مثل:
- عمل صورة كاملة للدم (CBC) التي تظهر نقصا في عدد كريات الدم الحمراء، ونقصا حادا في الهيموغلوبين، وفي الأغلب يكون هناك زيادة في عدد كريات الدم البيضاء نتيجة لتعرض الطفل للعدوى.
- يوجد اختبار لإضافة مادة من شأنها أن تساعد في تحول كرية الدم إلى الشكل المنجلي للكشف عن الأشخاص المهيئين لذلك جينيا (Sickling test) لتشخيص المرض.
- زيادة الصفراء في الدم نتيجة لزيادة التكسير.
- زيادة مستوى الحديد في الدم، حيث إن الحديد يدخل في تركيب الهيموغلوبين، ونظرا لزيادة تكسير الهيموغلوبين يزداد مستوى الحديد في الجسم.
- عمل تحليل لوظائف الكبد التي توضح الخلل الموجود في الكبد، وكذلك زيادة نسبة الصفراء.
- إجراء تحليل بول يمكن أن يظهر وجود الكثير من كريات الدم في البول.
- إجراء تحليل لتحديد نوعية الهيموغلوبين الذي يظهر الهيموغلوبين إس (HbS).
- عمل أشعة إكس على عظام الجمجمة واليدين وعظام الساقين، التي تظهر تغيرات معينة، نتيجة لازدياد نشاط النخاع العظمي ليواكب النقص في كريات الدم الحمراء.
- يمكن أيضا عمل أشعة إكس للصدر والقلب.
- يتم عمل فحص بالموجات الصوتية على البطن لتشخيص تضخم الكبد والتهاب المرارة ووجود حصوات بها.
* العلاج
* يجب أن يتم علاج أنيميا الخلايا المنجلية تحت إشراف مراكز متخصصة لعلاج أمراض الدم، وذلك حسب توصيات المعهد الوطني الأميركي للصحة، لاحتمالية تعرض المرضى الدائم للأزمات وحاجتهم إلى الاستشارات الطبية بشكل مستمر.
في حالة حدوث الأزمة بشكل بسيط يمكن علاجها في المنزل مع أخذ العلاج الملائم من مسكنات قوية للألم، وتناول كمية كافية من السوائل لتفادي الجفاف، وإذا لم يتم تحسن الألم يتم نقل الطفل إلى المستشفى، حيث إن آلام الطفل تكون مبرحة ويجب علاجها في خلال مدة لا تتعدى الساعة، وبعد نقله إلى المستشفى يتم إمداد الطفل بالأكسجين وإعطاء سوائل عن طريق الوريد.
ويهدف العلاج أيضا إلى تصحيح الأنيميا عن طريق نقل كريات دم حمراء للمريض (Packed RBC)، ويجب رفع مستوى الهيموغلوبين إلى معدلات من 10 إلى 12 غراما / ديسيليتر، ولكن يستحسن ألا يتم نقل الدم إلا في حالات الأنيميا الحادة ووجود مضاعفات خاصة، فإن نقل الدم يمكن أن يحمل أعراضا جانبية مثل نقل عدوى أو زيادة الحديد في الجسم.
كما يتم علاج العدوى في حالة وجودها وكذلك علاج أي مضاعفات موجودة في أجهزة الجسم المختلفة ومحاولة منع حدوث تجلطات.
في بعض المرضى عمل نقل للنخاع العظمي (BMT) ولكن نقل النخاع العظمي يحمل احتمالية رفض الجسم له، ويجب أن يتم تقييم الحالة جيدا.
على الرغم من دراسة الكثير من الأدوية لعلاج أنيميا الخلايا المنجلية، فإنه يوجد علاج واحد حائز على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، وهذا الدواء (Hydroxyurea) يعمل على زيادة الهيموغلوبين سواء الكلي أو الجنيني، ويعمل على عدم التصاق كريات الدم وتجمعها، وبالتالي يقلل من الإحساس بالألم، وهو عادة ما يستخدم في حالات استمرار الألم أكثر من 6 شهور، وفي حالات الإصابة بأعراض خطيرة أو في حالة وجود تاريخ سابق لحدوث جلطة بالمخ أو القلب، وذلك لأنه يوجد أعراض جانبية خطيرة للدواء.
الكميات الزائدة من الحديد سواء من عمليات نقل الدم المتكررة أو من تكسير كرات الدم الحمراء، يمكن أن تؤدي إلى أضرار بالغة للجسم، وخصوصا بالنسبة للكبد والقلب، ولذلك يجب التخلص من هذه الكميات الزائدة عن طريق إعطاء مواد تتحد مع الحديد وتساعد في تخليص الجسم منه (chelation)، وهذه المواد يتم إعطاؤها عن طريق الحقن وتعطي نتائج جيدة.
* اختصاصي في طب الأطفال