بين صراخ الأطفال وقطع الحلوى
|
يتعجب الكثيرون من ذلك الشعور بانسداد آذانهم، والذي يعتريهم أثناء السفر بالطائرة، أو من تعالي أصوات الأطفال الصغار بالصراخ والبكاء أثناء مراحل إقلاع الطائرة أو بشكل أكبر خلال هبوطها على المدرجات. أو من الغاية وراء تلك العادة التي كان كثير من الشركات يلتزم فيها بتقديم قطع من الحلوى للركاب قبل الإقلاع.
والسبب في كل تلك الأمور لدى الركاب هو حصول تأثيرات على طبلة الأذن جراء اختلاف الضغط الجوي، ومعاناة الأطفال، وخاصة منهم منْ لديه التهابات في الحلق أو الأذن. وعبر تناول قطع من حلوى الضيافة يُحاول المضيفون مساعدة الركاب على تخفيف الأمر عليهم من خلال إعطاء فرصة لتراكيب الحلق والأذنين العمل على تعديل الضغط الواقع على جانبي أسطح طبلة الأذن مع عملية البلع للعاب.
والملاحظ أن مشاكل الأذن هي أكثر الشكاوى الطبية شيوعاً لدى المسافرين بالطائرة. وهي وإن كانت بسيطة لدى الغالبية، إلا أن ثمة من يتأذى منها ويشعر بألم شديد يُنغص عليه الرحلة جراءها، والبعض قد تتأثر لديه حتى قدرات السمع خلال ذلك.
* تغيرات الضغط الجوي تقول الأكاديمية الأميركية لأمراض الأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة إن السفر بالطائرة قد يُؤدي إلى حصول تغيرات سريعة في الضغط الجوي للهواء المحيط في مقصورة الركاب. وللمحافظة على راحة الراكب فإن قناة استاكيوس يجب أن يتكرر فتحها أكثر ويجب أن يتوسع مجراها كي يتم من خلالها توفير معادلة للضغط داخل الأذن الوسطى، وبالتالي على السطح الداخلي لطبلة الأذن، بما يتناسب مع التغيرات المطردة والمتتابعة في الضغط الجوي الواقع على السطح الخارجي على طبلة الأذن. وإن كانت التغيرات تحصل أثناء الإقلاع والهبوط، إلا أنها في مراحل الهبوط أكبر لأننا أثناء ذلك نقترب أكثر من سطح الأرض، حيث أعلى مقدار للضغط الجوي.
والواقع أن نفس الشيء يحصل لدى الإنسان عند اختلاف الضغط الجوي حتى لو لم يكن في الطائرة، مثل ما يحصل عند استخدام المصاعد السريعة للمباني العالية، كناطحات السحاب، أو عند الغوص إلى أعماق المسابح العميقة أو البحر.
* آليات لتأقلم الأذن وكما يتم تعليم الغواصين أو ملاحي الطائرة كيفية التأقلم مع تغيرات الضغط الجوي لتخفيف آثارها على الأذن، فإن الراكب العادي يُمكنه استخدام نفس الآليات للتغلب على المشكلة لديه أثناء السفر بالطائرة.
وبالرغم من أن فعل التثاؤب هو الأفضل والأقوى في إثارة فتح مجرى قناة استاكيوس، إلا أن الأساس يظل هو عملية البلع. ذلك أن تكرار عملية البلع ينشط عمل العضلات التي تفتح مجرى قناة استاكيوس، وبالتالي تكرار معادلة الضغط الجوي على جانبي الطبلة. وما يجعل المرء يبلع أكثر هو إما مضغ العلك أو تناول أحد أنواع الحلويات لتذوب في الفم، مع ملاحظة أن قلة السكريات في العلك أو الحلوى عامل يُنشط إفراز اللعاب حال مضغها، بخلاف تدني كمية اللعاب في الفم عند مضغ أشياء حلوة جداً. ولذا فإن من المناسب جداً مضغ العلك أثناء الإقلاع وأثناء الهبوط، كما أن من الضروري جداً لمن يُعانون من الأمر، الاستيقاظ حال الهبوط، وهو أحد الأسباب الصحية لمحاولة الملاحين إبقاء الركاب مستيقظين أثناء مراحل الهبوط.
وحينما لا يُجدي البلع ولا التثاؤب في تخفيف حدة المعاناة، فإن الأكاديمية الأميركية لأمراض الأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة تنصح باتباع عدة خطوات عملية لإجبار القناة على فتح مجاريها، وهي قفل فتحي الأنف بأصبعين، ثم ملء الفم بالهواء، والعمل بعد ذلك على استخدام عضلات الخدين والحلق لدفع الهواء إلى مؤخرة وأعلى الأنف، أي كأن الإنسان يُحاول دفع الهواء للخروج عبر فتحتي الأنف المغلقتين بالأصابع. وحين سماع صوت الفتح في الأذن، فإن المرء يشعر بالراحة. ويُمكن بلطف تكرار فعل هذا لمن لا يشكون من أية أمراض في الأذن أو الأنف.
لكن الأكاديمية تنصح بالعموم بتأجيل السفر واستشارة الطبيب قبل الاضطرار إليه لمن يُعانون من نزلات البرد أو التهابات الجيوب الأنفية أو حالات الحساسية، وكذلك من تم إجراء عملية في الأذن لديهم.
أما بالنسبة للأطفال، فمن المعلوم أنهم لا يُدركون ما يجري لهم ويتسبب بآلامهم، ولذا فإن إعطاءهم المصاصة أو إرضاعهم أثناء الإقلاع والهبوط مهم في تخفيف معاناتهم من اختلاف الضغط الجوي لرحلات الطائرة.
* مضادات الاحتقان وعلى منْ يُعانون من الحساسية الأنفية تناول أدوية تخفيف حدة تفاعلات الحساسية قبل السفر بالطائرة. وكذلك قبل السفر بساعة أو قبل الهبوط، يتناول العديد من الذين يتكرر سفرهم بالطائرة حبوباً مضادة للاحتقان أو يضعون رشات من بخاخ الأنف المحتوي على نفس المواد. وتعمل هذه الأدوية على انكماش الأغشية المبطنة لقناة استاكيوس أو أجزاء أخرى من الحلق والأنف، ما يُسهل إبقاء تلك المجاري مفتوحة لمرور الهواء من خلالها. وهو تصرف جيد من قبلهم، والأدوية هذه يُمكن الحصول عليها دونما وصفة طبية.
إلا أن الأكاديمية الأميركية لأمراض الأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة، وإن كانت تُؤيد هذا التصرف للوقاية من المعاناة أثناء السفر بالطائرة، إلا أنها تُؤكد على ضرورة عدم فعل ذلك دون استشارة الطبيب من قبل الذين لديهم أمراض في القلب، أو ارتفاع في ضغط الدم، أو اضطرابات في نبض القلب أو أمراض في الغدة الدرقية يتناولون هورمونا تعويضيا لمعالجتها، أو الأشخاص العصبيين. ذلك لأن هذه الأدوية المضادة للاحتقان لها آثار جانبية ضارة قد تُؤثر على سلامة هؤلاء الأشخاص.
كما أن من الضروري استشارة الطبيب قبل إعطاء مثل هذه الأدوية للأطفال، خاصة منْ هم دون سن السادسة من العمر. وكذلك يجب على الحوامل، والمرضعات، الحذر من تناولها دون استشارة طبية. وقد ينصح الطبيب بتناولها حال استمرار الانسداد لأيام فيما بعد الرحلة الجوية، لكن من الضروري التنبه إلى أن تناول مضادات الاحتقان لأكثر من ثلاثة أيام قد تكون له آثار جانبية. والحالة قد تتطلب مراجعة الطبيب لفحص الأذن ومعالجة أسباب استمرار سدادها.
No comments:
Post a Comment