اضطرابات نفسية و أفكار انتحارية نتيجة تناول «تاميفلو»
بعد ظهور عدة تقارير عن أنواع من الاضطرابات النفسية وحالات من محاولات إيذاء النفس الناشئة عن تناول عقار “تاميفلو” المستخدم في معالجة أعراض الأنفلونزا , أصبح من الضروري في الولايات المتحدة أن تحمل عبوات العقار عبارات تحذيرية من الآثار الجانبية النفسية التي قد يتسبب بها لمتناوليه.
و كانت التقارير الواردة من الهيئات الصحية في اليابان قد رصدت عدة حالات من الهيجان النفسي, و أذى النفس المتعمد, و الهذيان و الهلوسة, والأفكار المختلة بالإقدام علي الانتحار, خاصة بين الأطفال و المراهقين، ما أدى إلي اعتماد إضافة التحذيرات من الآثار النفسية لعقار تاميفلو في اليابان. و أشارتالتقارير إلي أنه فيما بين أغسطس 2005 و يوليو 2006 حصلت 103 إصابة بتلك الآثار النفسية نتيجة تناول عقار تاميفلو. منها 68 حالة, أي حوالي 65%, لدى أطفال و مراهقين دون سن 17 عام.
و قال المتحدث باسم شركة “روش” السويسرية المنتجة لهذا العقار أن الشركة تعمل مع الإدارات المعنية فيها للتأكد من إتمام وضع التحذيرات بدقة، لكنه أضاف, كما هو متوقع, القول بأن مسؤولي الشركة لا يعلمون علي وجه الدقة هل ان سبب الأعراض النفسية هذه هي حالات العدوى بالفيروسات المسببة للأنفلونزا أم هي نتيجة لاستخدام العقار، ما يفرض عليهم بداهة تبني القيام بإجراء دراسات مقارنة بين مُصابين بالأنفلونزا يتناولون العقار و مصابين لا يتناولونه, للتحقق مما هم يشكون فيه كمصدر للأعراض التي كثرت التقارير حولها.
* و اكتسب تاميفلو شهرة عالمية كعقار علاجي, و ليس لقاح كما تذكر بعض الوسائل الإعلامية, للتخفيف من أعراض الإصابة بفيروسات الأنفلونزا الموسمية. و مع ظهور حالات أنفلونزا الطيور بشكل وبائي خلال العاميين الماضيين في العديد من دول العالم, و مع أيضاً عدم توفر أي علاج أو لقاح للفيروسات المتسببة بأنفلونزا الطيور, طُرح تاميفلو بشكل تلقائي كعلاج دوائي محتمل الفائدة في هذا الشأن. و إلا فإنه لم تكن تُوجد أية دراسة دلت علي جدواه و فاعليته في معالجة حالات أنفلونزا الطيور بالأصل.
و لأنه عقار محدود الفائدة أصلاً في معالجة حالات الأنفلونزا الموسمية, فإنه لم يكن يُعبئ له كثيراً من الناحية الطبية. و لذا فإن إنتاجه العالمي كان محدوداً جداً. لكن مع ظهور حالة الذعر من احتمالات تفشي أنفلونزا الطيور, التي لا تزال قائمة حتى اليوم, اتجهت الأنظار إليه علي أنه المنقذ الوحيد المتوفر. و ازداد الطلب علي توفيره لحماية الناس في حال الحاجة إليه. وعملت العديد من الحكومات في العالم علي توفير مخزون منه, و بلغت كمية المخزون في الولايات المتحدة حوالي 16 مليون جرعة, و تنوي السلطات فيها رفع الكمية إلي 50 مليون جرعة.
* وكانت مجلة لانست العلمية قد نشرت في وقت سابق من هذا العام نتائج بحث المراجعة التحليلية للدكتور توم جيفرسون من الولايات المتحدة. و الذي راجع فيه أكثر من 50 دراسة حول استخدام أدوية مضادات الفيروسات, و توصل إلي أنه لم تثبت فائدة لا لعقار ريلينيزا أو عقار تاميفلو في معالجة أنفلونزا الطيور, كما أنه ليس من الضروري استخدامهما في حالات الأنفلونزا المعتادة ما لم يثبت أنها نتيجة الإصابة بفيروسات الأنفلونزا من نوعي إيه أو بي. هذا في حين أننا نلحظ إصرار المنتجين لعقار تاميفلو, أو مروجيه في مناطق شتى من العالم, خاصة في بلدان الشرق الأوسط, علي القول بأنه من المفيد تناوله عند الإصابة بالأنفلونزا العادية أياً كان نوعها.
وتتعالى اليوم تنبيهات الباحثين من الأطباء و غيرهم حول محدودية الفائدة المحتملة للأدوية المخففة من أعراض الأنفلونزا و ذلك بعد المراجعات الدقيقة للأبحاث المنشورة حولها خلال الأربعين سنة الماضية. بل و يُؤكدون علي ضرورة الاهتمام بوسائل الوقاية من الأنفلونزا بمعناها الواسع وفق توجيهات منظمة الصحة العالمية و غيرها من الهيئات الطبية العالمية. هذا بالإضافة إلي ورود تقارير غير واضحة لكنها ذات دلالات مهمة حول ظهور درجة من المناعة اكتسبتها فيروسات الأنفلونزا لتأثير عقار تاميفلو كما في اليابان حيث الاستخدام الواسع لها, و التقارير التي تحدث ملحق الصحة في الشرق الأوسط قبل أشهر عنها من ملاحظة الأطباء في فيتنام _ حيث كثرت نسبياً حالات أنفلونزا الطيور آنذاك_ من محدودية فائدته في معالجة أو تخفيف أعراض هذه الحالات.
ومع كل هذا, يعتبر عقار تاميفلو علمياً أحد أهم الأدوية المتوفرة إلي حد ما اليوم للتخفيف النسبي و المُحتمل من حدة أعراض الإصابة بالأنفلونزا, إذا ما تم تناوله في أول 48 ساعة من الإصابة بأحد فيروسات الأنفلونزا, و خاصة نوع إيه و نوع بي منها، إذْ ما يُذكر هو أنه قادر علي الحد بشكل نسبي من تكاثر الفيروس و انتقاله بين خلايا الجسم, كما و يقلل من وقت المعاناة من أعراض الأنفلونزا كالصداع و الرعشة و ارتفاع درجة حرارة الجسم و ألم العضلات و ألم الحلق و احتقان الأنف و غيرها.
وللعلاج يتم تناول الدواء بالفم مرتين يومياً و لمدة خمسة أيام. و لا علاقة لأخذ عقار تاميفلو بتناول الطعام, أي أن المرء يستطيع تناوله قبل أو بعد تناول الوجبة الغذائية. و يستمر المريض في تناولها لمدة خمسة أيام حتى لو تحسنت حالته الصحية. و المهم تنبيه الطبيب في حال وجود أمراض حساسية أو كلى أو الحمل و كذلك إلي جميع الأدوية التي يتناولها المر بشكل يومي. و عقار تاميفلو يتم إنتاجه باستخدام مادة تُوجد في أحد أنواع البهارات التي تنمو بكميات كبيرة في الصين فقط, و بكميات قليلة جداً لا يُعتمد عليها تجارياً في فيتنام. و هو الينسون ألنجمي الصيني. حيث تُستخرج منه مادة حمض شيكيميك المستخدمة في إنتاج المادة الفاعلة لعقار تاميفلو , و هي مادة أوسيلتاميفير المانعة لتكاثر الفيروس و العاملة للقضاء عليه. و برغم من وجود هذا الحمض في نباتات أخرى إلا أن الينسون ألنجمي الصيني هو أغزرها محتوى منه بدرجة عالية.
* التعامل الصحيح مع فيروسات الانفلونزا
* تتسبب بالأنفلونزا الموسمية ثلاثة أنواع من الفيروسات, فيروس الأنفلونزا إيه* و بي * و سي*. ونوع إيه هو المسؤول عن الحالات الوبائية العالمية، في حين يتسبب نوع بي من فيروسات الأنفلونزا بحالات وبائية محلية و صغيرة. بينما نوع سي منها أقل انتشاراً و يتسبب بظهور أعراض متوسطة القوة.
و تنتقل الفيروسات عبر رذاذ سوائل الجهاز التنفسي الخارج إما بالعطس أو السعال, كما أن الإصابة قد تحصل أيضاً نتيجة لملامسة الفيروسات المتساقطة مع الرذاذ علي أسطح مختلفة, كسماعة الهاتف أو القلم أو المناشف, و من ثم تعلق الفيروسات في يد الإنسان الذي يُدخلها في جسمه حين لمسه لعينه أو أنفه أو فمه.
و عادة ما تظهر مجموعة الأعراض بعد فترة من الحضانة للفيروس داخل الجسم, قد تمتد من يوم إلي أربعة أيام. و في الغالب تستمر الحالة ما بين أسبوع إلي عشرة أيام, ثم تبدأ لأعراض بالزوال ما لم تحصل مضاعفات في الرئة أو الشعب الهوائية.
و المُصاب قابل لعدوى الآخرين حتى قبل بدء ظهور الأعراض المرضية لديه. و تستمر لدى المريض قدرة إصابة الآخرين حتى بعد أسبوع من بدء ظهور الأعراض عليه. حين الإصابة بأحد فيروسات الأنفلونزا, تظهر مجموعة من الأعراض مثل سيلان الأنف و احتقانه, و العطس مع سعال جاف, و ألم الحلق, خاصة أثناء البلع. مصحوبة بارتفاع درجة حرارة الجسم إلي 38,4 درجة مئوية أو أكثر, لمدة تتراوح ما بين يوم أو سبعة أيام, مع رجفة و زيادة إفراز العرق أثناء نوبات الارتفاع في الحرارة تلك. و الشعور بإنهاك في الجسم بدرجة تفوق ما هو في نزلة البرد العادية. إضافة إلي فقدان الشهية للأكل, و الصداع, مع ألم في عضلات الظهر و العضد و الأفخاذ.
أخذ اللقاح السنوي المتجدد الخاص بفيروسات الأنفلونزا يُعد أفضل طرق الوقاية منها. و هو ما سبق طرحه في ملحق الصحة بالشرق الأوسط في شهر أكتوبر الماضي.
و تشير نشرات مراكز السيطرة علي الأمراض و منع انتشارها بالولايات المتحدة إلي مجموعة بسيطة من العادات الشخصية, ذات الأهمية العالية في منع الإصابة بفيروسات الأنفلونزا. و تشمل:
_ غسل اليدين بالماء و الصابون بشكل متكرر أثناء اليوم, خاصة بعد العطس أو السعال. و إن لم يتوفر الماء, فباستخدام منظفات اليدين المحتوية علي الكحول.
_ تجنب القرب الشديد من المرض المصابين. كما أن علي المصابين تحاشي الاختلاط و القرب من السليمين كي لا يسهل انتقال الفيروسات إليهم.
_ لو أصابت إنسان ما الأنفلونزا, فعليه ملازمة المنزل و عدم الحضور إلي مكان العمل أو المدرسة أو الجامعة أو أماكن اللقاءات الاجتماعية في الأندية أو الحفلات أو الولائم.
_ عدم لمس الأنف أو الفم أو العينين, لأن الفيروسات تدخل الجسم عبر تلك المنافذ إذا ما علقت في الأصابع أو اليدين.
No comments:
Post a Comment