أسلوب إثبات الذات بدأ رسميا في القرن السابع عشر وتزيد الحاجة إليه يوما بعد يوم
بيروت: مازن مجوز
تهذيب، لياقة، احترام، ابتسامة، نبرة صوت مقنعة وهادئة، كلها مزايا تبث موجات إيجابية تصب في خانة الإتيكيت وحسن التصرف على المستويين العملي والشخصي.
ويبقى أهم عنصر في الإتيكيت هو البساطة والبعد عن التكلف في كل شيء، بما في ذلك المظهر الخارجي بحكم أنه أول ما يعطي الانطباع الأولي عن الشخص. لهذا من البديهي القول إن الاهتمام بهذا الجانب مهم، علما بأنه صرف مبالغ عالية للحصول عليه ليس شرطا، فهو لا يحتاج سوى إلى القليل للحصول عليه.
فالعنوان هنا هو البساطة التي تتيح إبراز مكامن القوة التي يتحلى بها الشخص وإخفاء العيوب قدر الإمكان.
ويعود أصل كلمة «إتيكيت» إلى القرن السابع عشر، وظهرت تحديدا في بلاط الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، الذي كان يستخدم البطاقات، أو الإتيكيت في اللغة الفرنسية، ليضعها على العشب في محاولة منه لمنع أفراد حاشيته من الدوس على الرقع الخضراء تلك التي كان يحبها.
ومع الوقت أصبح هذا المفهوم متداولا في المجتمعات الراقية وتطور إلى مناح أخرى كثيرة، منها خلق صورة ذاتية متكاملة شكلا ومضمونا، للإيحاء بالثقة لدى المتلقي، على المستويين الشخصي والمهني، حسبما تؤكد خبيرة المظهر كريستيان حجار، التي تتعاون مع عدة شركات وبنوك في هذا المجال.
تقول: «ما من شك أن لكل منا أسلوبه وذوقه وأيضا مكانته الاجتماعية، لكن ليس بالضرورة أن يعكس المظهر هذه المكانة، وبشكل يرمي من ورائه الشخص أن يفرض نفسه على الآخر بالقوة، بقدر ما يكون فرض هذا احترام بالود والهدوء.
وإلى جانب المظهر، يجب أن يشمل الاهتمام هنا أيضا الطريقة في الحديث، بما في ذلك نبرة الصوت، والنظر كذلك طريقة الجلوس والوقوف، وردود الفعل التي يجب أن تكون هادئة ومدروسة، وغيرها من الأمور التي تعكس ليس أسلوب الشخص فحسب بل أيضا شخصيته وما يريد من الآخر أن يقرأه.
وتتابع: «من الخطأ القول إن المظهر وحده المسؤول عن خلق الانطباع الأولي عنا، فطريقتنا في الحديث، وحركات الجسم وتعابير الوجه، أيضا يمكن أن تخلف انطباعا عنا إما بالإيجاب أو السلب.
وتشرح: «مهمتي الأساسية أن أسدي النصح للزبون بأن يهتم بمظهره وأن أرشده إلى الأساليب المثالية التي تسمح له بإبراز الأشياء الجميلة التي يتحلى بها في شخصيته، بما في ذلك تشجيعه على إبراز الثقة بنفسه وذلك بالاعتداد بها عوض أن يكون نسخة طبق الأصل عن شخصية معروفة يقتدي بها أو يحاول تقليدها، لأن الخصوصية هي التي تحدد شخصياتنا».
ولا تستهين حجار بالمظهر وقوة تأثيره، فوكالة «Imag In»، التي أسستها وتشرف عليها، تتلخص مهمتها في مساعدة الرجل والمرأة على خلق صورة متميزة تدعم الثقة بالذات وترسخ الاستقلالية.
ومن الخدمات التي توفرها، اختيار الألوان المناسبة للزبون، انطلاقا من قناعتها بأن لكل شخص ألوان تتناسب مع بشرته ولون شعره وعينيه، بالإضافة إلى إرشادات تتعلق بتسريحة الشعر والقصة واللون.
وتشدد حجار على أن أهم شيء يجب علينا المحافظة عليه من حيث المظهر هو البساطة، لأن القليل يعطي الكثير. فالأمر مثل الموسيقي الذي يتعلم أولا لعب آلة موسيقية، ثم يمضي بعد ذلك ليؤديها بأسلوبه الخاص ثم تزيد ثقته ويصبح اختيار الأنسب أمرا تلقائيا.
وتهتم الوكالة أيضا بالانطباع الأولي، الذي تخلفه طريقة الكلام وحركات الجسم وتعابير الوجه. تقول حجار إننا أحيانا نخلف انطباعا سيئا، لا يوحي بالثقة لسبب أو لآخر، ورغم أنه يكون خاطئا لا يعكس طبيعتنا وحقيقتنا، فإنه، وللأسف يترسخ في ذهن الآخر وليس ببعيد أن يفوت علينا الكثير من فرص النجاح في الحياة، والعكس يحصل أيضا، إذ نعجب بشخص على كل المستويات، الأناقة واللباقة، في الدقائق الأولى، لنكتشف فيما بعد أنه ليس بالمستوى الفكري أو المهني الذي كنا نتوقعه، ومن هنا فإن الأحرى بنا أن ننمي كل القدرات.
وترى حجار أنه هناك ظاهرة في لبنان أطلقت عليها تسمية «التلوث البصري» (visual pollution)، وتدل على الأشخاص الذين لا يتمتعون بذوق رفيع.
فهم لا يعرفون نوع الأزياء التي تناسب أجسامهم ومقاساتهم، وبالتالي إما يختارونها بلا مبالاة وإما يكونون ضحايا موضة، بحيث يعتقدون أنها أنيقة فقط لأنها موقعة باسم مصمم معروف أو دار أزياء عالمية أو بسعر غال، ولا تكون النتيجة في صالحهم دائما، لأن ما يناسب البعض لا يناسب البعض الآخر.
وتستدل حجار بمقولة شهيرة لأسطورة الموضة الراحلة «كوكو شانيل» بأن الموضة تموت مع الوقت كالفراشة، بينما يبقى الأسلوب الشخصي، إلى الأبد.